شهد شهر تشرين الأول 2015 اعتقال أكثر من 1000 فلسطيني في مدن وقرى وبلدات الضفة الغربية المحتلة والقدس والأراضي المحتلة عام 1948، نصفهم من الفتيان القاصرين (أقل من 18 عاماً)، إذ تركزت عمليات الاعتقال في مدينتي القدس المحتلة والخليل بنسبة 40%، وفق ما وثقت تقارير ومؤسسات حقوقية رسمية فلسطينية، في ظل تصاعد اعتداءات قوات الاحتلال على الفلسطينيين خلال الهبة الشعبية الفلسطينية القائمة.
وفي وقت يقول مسؤولون فلسطينيون أنّ إسرائيل لا تلتزم خلال إجراءات الاعتقال بمعايير القوانين الدولية في معاملة المعتقلين الفلسطينيين، يصفها حقوقيّون بأنّها انتهاك صارخ للقانون الدولي لأنها تندرج في إطار العقوبات الجماعية تجاه الفلسطينيين، علمًا أنّ عدد الأسرى الفلسطينيين الذين يقبعون في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ارتفع إلى 6620 ألف أسير فلسطيني.
ضرب وشتائم وترهيب
وبلغ عدد المعتقلين من مدينة الخليل (221) فلسطينياً، فيما بلغ عدد المعتقلين من مدينة القدس المحتلة (201) فلسطينياً، وفي مدينة رام الله والبيرة (138) فلسطينياً، و(63) فلسطينياً من بيت لحم، و(82) فلسطينياً من نابلس، و(32) فلسطينياً من أريحا، و(34) فلسطينياً من جنين، و(27) فلسطينياً من قلقيلية، و(23) فلسطينياً من طولكرم، و(13) فلسطينياً من طوباس، و(9) فلسطينيين من سلفيت، إضافة إلى ما لا يقل عن (160) فلسطينياً اعتقلوا من الأراضي المحتلة عام 1948، وفقاً لتقرير مكتب الإعلام الحكومي الفلسطيني.
وتعرض جيمع المعتقلين للضرب الشديد والتنكيل والإهانات والمعاملة القاسية خلال اعتقالهم واستجوابهم، في حين تراوح متوسط عدد الاعتقالات الشهرية قبل بداية شهر تشرين الثاني بين 40 و70 حالة اعتقال.
وارتفع عدد المعتقلين الإجمالي في السجون الإسرائيلية لــ (6620) معتقلاً موزعين على (22) سجنًاً ومركز اعتقال وتوقيف، فيما وصل عدد المعتقلين الإداريين لــ (500) معتقل، منهم (18) معتقلًا إدارياً منذ بداية شهر تشرين الأول، وارتفع عدد الأسيرات في سجون الاحتلال، إلى (35) أسيرة منهنّ (9) أسيرات جُدد، إضافة إلى أن 5 أسيرات يتواجدن في مستشفى هداسا، والبقيّة (30) اسيرة في سجن هشارون.
إلى ذلك، تم اعتقال ما يقارب 500 طفل منذ مطلع شهر تشرين الأول الحالي، وغالبية الأطفال المعتقلين متواجدون في سجون عوفر، هشارون، مجدو، ويتم نقل الأطفال بشكل مبدئي لمراكز توقيف حوارة وعتصيون والجلمة، في وقت تم إطلاق كلاب "بوليسية" تجاه (6) أطفال أثناء الاعتقال ما أدى لإصابتهم بجروح متوسطة، ووفقاً لشهادات أطفال فلسطينيين، فإنهم تعرضوا للضرب والشتائم والترهيب، خلال الاعتقال والنقل والتحقيق.
حملات اعتقال دائمة
ويقول رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين عيسى قراقع، إن الجيش الإسرائيلي يشن حملات اعتقال دائمة تواصلت وتكثفت خلال الهبة الشعبية الحالية والتي بدأت في الأول من شهر تشرين الأول، وطالت ما يقارب الألف نصفهم تقريباً من الاطفال الصغار وفتيات فلسطينيات قاصرات تم إطلاق النار عليهم، إضافة إلى عدد كبير من الجرحى الذين أصيبوا بالرصاص وتم اعتقالهم وهم في حالة صحية خطيرة، ولا يزالون يقبعون في مشافي الاحتلال.
وفي حديث إلى "النشرة"، يشير قراقع إلى أنّ كل إجراءات الاعتقال التي تتم منذ لحظة الاعتقال حتى الاستجواب والتحقيق والمحاكمة، لا تلتزم فيها إسرائيل بمعايير القوانين الدولية في معاملة المعتقلين الفلسطينيين، مؤكداً أن الجميع تعرضوا للضرب والتنكيل والتعذيب خلال الاعتقال والاستجواب، إضافة إلى أنّ هناك أحكامًا عالية ورادعة من قبل القضائي الإسرائيلي والمحاكم.
ويشدد قراقع على أنّ الأسرى داخل السجون محرومون من حقوق كثيرة كالزيارات، ويعانون من الإهمال الطبي، وإجراءات تعسفية أخرى، لافتاً إلى أنّ "إسرائيل" لا تلتزم باتفاقية جنيف والقانون الدولي وفي تعاملها مع المعتقلين الفلسطينيين.
انتهاك صارخ للقانون
من جهته، يرى مدير مركز الدفاع عن الحريات في الضفة الغربية المحتلة حلمي الأعرج أنّ عمليات الاعتقال هي انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، لأنها تندرج في إطار العقوبات الجماعية، إذ تحدث بحالات عشوائية وليست لها مبررات سوى ممارسة هذه العقوبات الجماعية بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
وفي حديث لـ"النشرة"، يوضح الأعرج أنّ طرق الاعتقال التي تستخدمها قوات الاحتلال من خلال مداهمة منازل المواطنين ليلاً وتكسير محتوياتها وغيرها، يتعرض خلالها الأسرى للتنكيل المتعمد خاصة الأطفال منهم، وهي سياسة دائمة لجيش الاحتلال.
ويعتبر الأعراج أنّه وخلال الهبّة الشعبية تعرّض مئات الأسرى للتنكيل والاهانات والمعاملة اللاإنسانية والتي بلغت ذروتها، واصفاً إياها بمحاولات قمع وإذلال للشعب الفلسطيني وأبنائه وشبابه وأطفاله ونسائه، في وقت "أصبح هذا الإذلال على مرأى ومسمع كاميرات التلفزيون والعالم أجمع".
ضرب وتنكيل وإهانة
وعن الاعتداءات التي تحصل أثناء الاعتقال، يقول الأعراج، "إن المعتقل الفلسطيني يتعرض للضرب والتنكيل والإهانة منذ لحظة الاعتقال الأولى، إذ يوضع في قاع الجيب العسكري ويدوس عليه جنود الاحتلال بالبساطير ويضربونه بأعقاب البنادق ويطلقون الاهانات والألفاظ النابية".
ويشدّد مدير مركز الدفاع عن الحريات على أن هذه المعاملة اللاإنسانية تشكل خطراً على حياة المعتقل، وهي ترتقي إلى مستوى التعذيب، فضلاً عن وصول المعتقل إلى مركز التحقيق وما يتعرض له من تنكيل وضرب مضاعف في أقبية التعذيب الإسرائيلية.
ويضيف الأعرج: "طالبنا اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة اليونيسيف، لمراقة عمليات الاعتقال أثناء مداهمة البيوت، ليروا بأم أعينهم كيف تستخدم قوات الاحتلال طرقاً همجية واستفزازية تنكيلية تجاه الأسر الفلسطيني غير آبهة بمن داخل هذه البيوت لا في عمليات الاقتحام وكسر الأبواب أو حتى اقتحام البيوت والأهل نيام".
أخيراً، تبقى عمليات الاعتقال التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي والتي تتزايد بين فترة وأخرى، تفتقد للمعايير الإنسانية والحقوقية وفقاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة التي نصّت على حماية المعتقل وحقه في صون كرامته وحريته الإنسانية وعدم معاملتهم معاملة تهينه، إضافة إلى عدم ممارسة التعذيب بحقه لانتزاع اعترافات ومعلومات، وغيرها من البنود.